زها حديد هي المعمارية
رقم 68 بين أقوي نساء العالم والثالثة بين أشهر وأغني النساء في بريطانيا
فازت بتصميم متحف الفن الحديث بجامعة ميتشجان الأمريكية بعد منافسة شرسة من معماريين عالميين
تدين بحبها التصميم لأمها التي كانت تهوي الرسم وبتفوقها العلمي لوالدها
محمد البحيري:قالوا انها مثال لما يمكن ان تحققه المرأة العربية اذا ما اتيحت لها الفرصة، وقالوا انها سخرية هذا العصر، وانها صدفة عبثية.. يعكف الامريكيون علي هدم آثار العراق الرائعة ، وتقوم هي ببناء آثار فنية رائعة في الولايات المتحدة الامريكية!.. ويدور الحديث عن المهندسة العراقية زها حديد التي فازت بمسابقة لتصميم متحف الفن الحديث التابع لجامعة ميتشيجان الامريكية بعد منافسة شرسة من معماريين من جميع أنحاء العالم.
وسوف يحمل المتحف اسم "ايلي وايديت برود"، نسبة الي المساهم الرئيسي وزوجته اللذين يعدان أكبر مساهم في تكاليف انشاء هذا المتحف، حيث يساهمان بمبلغ 26 مليون دولار لمشروع المتحف (18.5 مليون لانشاء المبني الذي سيتكلف 48 مليون دولار، في حين سيخصص المبلغ الباقي لشراء اعمال فنية لعرضها). ويقول "برود" جامع الاعمال الفنية ورجل الاعمال ان المهندسة العراقية قدمت تصميما ابداعيا للمتحف، سوف يدفع الناس للحديث عن المشروع والمسارعة الي زيارته".
المتحف الذي من المفترض افتتاحه عام 2010 سوف يكون اول مبني جامعي وثاني مبني تصممه "زها حديد" في الولايات المتحدة الامريكية، حيث كان المبني الاول هو مركز روزنتال للفنون المعاصرة في سينسينتي، والذي تم افتتاحه عام 2003.
وسوف يقع المتحف في الجزء الشرقي لميتشيجان، وقد اختير له موقع مهم بين المدينة والجامعة وسيتكون من ثلاث طبقات ويشيد بالاسمنت والحديد والالومنيوم والزجاج، وسيبدو وكأنه ينبثق عالياً من المشهد الطبيعي مع حديقة للمنحوتات.
المبني الذي صممته "حديد" مساحته 41 الف قدم مربع، وسوف يضم بحسب المخطط له مساحة عرض تزيد علي 18000 قدم مربع، سوف تخصص لعروض متبدلة للاعمال الفنية، بالاضافة الي قاعة صغيرة للعروض الفنية، ومركز تعليمي، ومكاتب، ومتجر لبيع التذكارات ومقهي. وتقول زها ايضاً لصحيفة "نيويورك تايمز" ان "قاعة العرض ستكون مدمجة، وكل غرفة منها تشكل مكاناً لعرض منفرد، اما الاضاءة فستكون طبيعية عبر جهاز خاص". وسوف يضم المتحف مجموعة الاعمال الفنية التي تملكها جامعة ميتشيجان، وبالتالي رغب القائمون علي الجامعة في ان يكون المتحف ذاته قطعة فنية ابداعية رائعة تضم ابداعات فنية لافتة برود نفسه الذي اعلن من قبل انه لن يعرض ممتلكاته الفنية الخاصة، يبدو انه اعجب بتصميم المهندسة العراقية لدرجة انه عاد ليعلن مجددا انه سوف يفكر في عرض بعض الاعمال الفنية التي يمتلكها في هذا المتحف الجديد.
قال عنها نيكولاي اوروسوف الناقد المعماري لصحيفة نيويورك تايمز الامريكية: بعد سنوات طويلة نجحت زها حديد في ان تحظي بمشروعات تناسب مستوي موهبتها".
ويقول النقاد المعماريون ان مبني متحف ميتشيجان لا يحتوي كبقية اعمالها الاخيرة علي زوايا كثيرة مثل محطة سكة حديد نوردبارك التي انتهت منها في الشهر الماضي في انسبروك بالسويد، أو المبني الرئيسي ل BMW في لايبزك ومركز الفنون في ابو ظبي.
مسيرة طويلة
قبل اكثر من شهرين قامت زها حديد بزيارة مصر، لعرض تصميمها لبرج يملكه مستثمرون مصريون وقطريون علي النيل، وغضب كثير من المعماريين لان من استضافوها لم يتيحوا فرصة اللقاء بها للآخرين من المهتمين بهذه الشخصية الانسانية الفريدة التي احتلت المرتبة الثامنة والستين بين أقوي نساء العالم حسب التصنيف السنوي الذي تعلنه مجلة فوربس والثالثة بين اشهر واغني النساء في بريطانيا حيث تعيش الآن.
زها حديد معمارية عراقية، ولدت في بغداد 31 أكتوبر1950، وهي ابنة السياسي والاقتصادي العراقي المعروف محمد حديد (الموصل 1906 لندن 1998)، الذي اشتهر بتسيير اقتصاد العراق إبان بداية الحقبة الجمهورية (1958 1963). وقيل ان ثمة اتفاقاً تم بينه وبين الرئيس العراقي الراحل صدام حسين حتي يبتعد عن العمل بالسياسة، ففعل حتي رحل الي بريطانيا ليعيش هناك مع ابنته.
أنهت زها دراستها الثانوية في بغداد، وأكملت دراستها الأولية في الجامعة الأمريكية في بيروت عام 1971، ثم التحقت بالدراسة في بريطانيا تحت إشراف "الكولهاس"، وتدربت في مدرسة رابطة المعماريين في لندن، ثم عملت في بريطانيا بعد تخرجها عام 1977 حاملة دبلومها الثاني مع "مكتب عمارة الميتروبوليتان" مع المهندس المعروف "ريم كولهاس" والمهندس المعماري "ايليا زينيليس"، وذلك بالتوازي مع عملها كمعيدة في كلية العمارة ...
بالتوازي مع عملها كمعيدة في كلية العمارة فانتقلت إلي بريطانيا لتدرس التصميم المعماري. ووصفها كولهاس حينها بكوكب يعمل في مداره. وسرعان ما أصبحت شريكة في المكتب، حيث التقت ببيتر رايس أحد كبار المهندسين، الذي شجعها ودعمها في وقت بدت رسوماتها الهندسية صعبة للتنفيذ، حتي اكتملت ثقتها بنفسها وبتصميماتها وبدأت العمل بمكتبها الخاص عام 1987، الذي بلغ عدد العاملين فيه اليوم اكثر من 250 موظفا.
ألقاب وجوائز
حصلت زها حديد علي اكثر من 30 جائزة ووساما، من مختلف انحاء العالم، من بينها جائزة بريتزكر العالمية في مجال التصميم المعماري عام 2004، والتي يطلق عليها "جائزة نوبل المعمارية"، لتكون "زها" هي اول امرأة تفوز بهذه الجائزة بعد ربع قرن من تأسيسها، فضلا عن كونها أصغر من فازوا بالجائزة سنا. كما منحتها ملكة بريطانيا وسام التقدير الملكي علي انجازاتها الهندسية، وميدالية توماس جيفرسون للتصميم عام 2007. وفازت كذلك بجائزة الاتحاد الأوروبي للهندسة المعمارية المعاصرة عن تصميمها محطة تقاطع لمرور وسائل النقل وموقف سيارات يسع ل700 سيارة في مدينة ستراسبورج الألمانية. والجائزة تمنحها منذ عام 1987 المفوضية الأوروبية ومقرها بروكسل بالتعاون مع جمعية "ميس فان دير روهي" في برشلونة، لأبرز الأعمال المعمارية التي لم يمض علي إنجازها أكثر من سنتين في دول الاتحاد الأوروبي.
مشروعات
كثيرة هي مشروعات زها حديد، حتي قيل انها تعد من ابرز من كانوا يكتسبون عيشهم من الفوز بالمسابقات، وكان في ذلك اشارة ماكرة الي بعض الصعوبات التي صادفت مسيرتها المعمارية، حين اطلق عليها لقب "مهندسة الورق"، تعبيرا عن تألقها في وضع تصميمات لا يمكن تجاوزها لاكثر من الورق لصعوبة تنفيذها علي ارض الواقع! كان الكثير من النقاد المعماريين ولا يزالون يصفون تصميمات المهندسة العراقية بانها مزيد بين علوم الفضاء وانسياب الخط العربي، فلا حدود لتفكيرها. ويقولون ايضا انها تحترف فن الخروج عن المألوف في الشكل والتصميم، وتبرع في النسج بين التفاصيل الداخلية والمشهد الخارجي والبيئة المحيطة، حتي يجد الانسان نفسه امام لوحة متكاملة، قد لا يصدق البعض انها تحولت الي مبني بالفعل.
فازت زها بالمرتبة الاولي في المسابقة الدولية التي نظمتها مدينة "سيول" في ابريل 2007 لاعادة تصميم مجمع وفناء منطقة دونج ديمون (الباب الشرقي) التاريخية العريقة في المدينة.
وانتشرت رسوماتها الهندسية ومشاريعها في مختلف انحاء العالم: فمن تخطيط المدن في سنغافورة (فستا) ومتحف جوجينهايم في طوكيو، إلي توسيع متحف اوردوبجارد في الدانمارك (علي شكل سفينة مبحرة) ومبني المكتبة الوطنية في ولاية كيبيك الكندية، مرورا بمتحف الفنون الإسلامية في الدوحة وجسر معلق في أبو ظبي. أما أكثر مشاريعها إثارة للجدل، فهو مرسي السفن في باليرمو في صقلية (1999)، والمركز العلمي لمدينة وولفسبورج الألمانية (1999)، وكذلك المسجد الكبير في ستراسبورج الفرنسية (2000).
أما أهم مشاريعها التي نفذت علي الإطلاق فهي منصة التزحلق الثلجي في أنزبروك في النمسا (2001) والمبني الرئيسي لمصنع سيارات بي أم دبليو في لايبزيج في ألمانيا ومركز روزنتال للفنون المعاصرة في سينسيناتي في ولاية أوهايو الأمريكية (2002). ووصفت صحيفة نيويورك تايمز المشروع الأخير حينها بأنه "أهم مبني جديد في الولايات المتحدة منذ الحرب الباردة". إضافة إلي أن سينسيناتي هو أول متحف يبني في الولايات المتحدة تضع تصميماته امرأة. وتنتظر حديد أكمال أهم تصاميمها المعاصرة الملعب الاولمبي في العاصمة البريطانية لندن المؤمل استضافة الألعاب الاولمبية للعام 2012.
إنسانة
وصفت إحدي الصحف الايطالية زها حديد بقولها: "عينان سوداوان يملأهما ذكاء خارق لواحدة من أكبر فنانات عصرنا الراهن". وتدين زها بحبها للتصميم الي امها التي كانت تهوي الرسم، بينما تدين بتفوقها العلمي لوالدها الذي زرع فيها هذا الحب لمواجهة الحياة في كل مكان عبر سلاح العلم.
وتقول المهندسة العراقية أن أفضل وقت تتمتع به في اليوم يكون متأخرا في المساء، وهي تحب الموسيقي الكلاسيكية ولا تقرأ مجلات التصميم والهندسة المختلفة. وتقول انها اعتادت علي التفاؤل حتي في احلك الظروف. أما حكمتها الأخيرة في عالمها الخاص فتقول: "الأفكار العظيمة لا تسقط أبدا".
[